الجمعة، 11 سبتمبر 2009

الإعلام الإليكتروني ومستقبل الصحافة المطبوعة في العالم العربي


تمهيد.
في هذا البحث سوف نحاول الاقتراب من مفهوم الإعلام الإلكتروني ونتطرق إلى وضعيته في العالم العربي.مستكشفين تاريخ بداية دخول هذا النوع من الإعلام في العالم العربي وموضحين اشكاله ومشاكله وامكانياته الحالية وفرص تطورها ثم نبحث تاثير انتشار الإعلام الإليكتروني على الصحافة الورقية في العالم العربي وكيف اثرت فيها وتاثرت بها خاتمين باستشراف لمستقبل الإعلام الإلكتروني وامكانيات تاثيره على الإعلام الورقي تحديدا.
المبحث الاول
في تعريف الإعلام الإليكتروني Electronic media
ان الرغبة في تحديد تعريف لهذا المصطلح يدفعنا إلى الحديث عن الحاجة إلى ضوابط ومعايير للإعلام الإلكتروني لكي نميز بينه وبين هذا الكم الهائل من مواقع الإنترنت التي تعمل في كافة المجالات وفي جميع التخصصات،والا فان البديل ان نعتبر كل موقع على الإنترنت موقعا صحفيا.الامرالذي يدفعنا إلى الاجتهاد في وضع ضوابط وعلأمات فارقة للصحافة الاليكترونية نستطيع من خلالها التمييز بين الموقع الصحفي وغيره فهل هناك محاذير يمكن ان تعترضنا خلال وضع هذه الضوابط والمعايير ؟
الواقع ان هناك عدد من المحاذير التي ترتسم أمامنا ونحن نفكر في وضع معايير للإعلام الإلكتروني ومن هذه المحاذير:
1- محاذيرتعريفية:حيث تظهر مشكلة كبيرة تعد من ابرز ما يواجه العاملين في مواقع الإنترنت وهو ما نطلق عليه لفظ اعلامي على كل من يعمل بموقع على الإنترنت ايا كان هذا الموقع وايا كانت طبيعة المحتوى أو الخدمة التي يقدمها ؟ وما هي حدود المجالات التي يمكن ان يقتصر عليها العمل الإعلامي على الإنترنت ؟ هل هي المجالات المتعلقة بالكتابة أو يدخل في اطارها العمل في مجال الوسائط المتعددة والذي يتماثل في كثير من الأحيان مع الاخراج الصحفي في عالم الصحافة الورقية؟
2- محاذيرمهنية:فإذا كانت هناك مشكلة تتعلق بالتعريف فانها سرعان ما تكون نواة لمحاذير مهنية تتعلق في المقام الاول بمهنة الصحافة التي ستعاني في ظل اختلاط الاوراق مزيدا من الغموض ومزيدا من الانسيابية في تحديد مفهوم الصحافة والصحيفة والصحفي وهي محاذير من شانها ان تولد جدلا حول من له حق الانتماء إلى نقابة الصحفيين ومن له الحق في الانتماء للمهنة ؟
3- محاذير سياسية:وهي محاذير لا مجال لتلافيها وسط واقع سياسي معقد يشهده العالم بصفة عامة والعالم العربي بصفة خاصة ولا تنفصل عنه مصر بصورة أو باخرى ويتمثل في انحسار فرص اصدار صحف جديدة وسط توقعات اقرب ما تكون للسياسة منها إلى القانون وفي ظل هذا الواقع المتازم نجد انفسنا أمام محاذير يدفع بعضها باتجاه التسيير في فك الحصار والخناق الموجود في عالم الصحافة الورقية ليجد له متنفسا افتراضيا على شبكة الإنترنت وبين التعسير الذي يتبناه الراغبون في استمرار الخناق الحادث إلى ما لا نهاية.
4- محاذير تتعلق بمتغيرات الواقع :ونعني بها ان الإنترنت اصبح عالما لا مجال للالتفات عنه أو عدم الاهتمام به أو تجاهله والا تجاوزنا الواقع كمهنة ونقابة واصبحنا أمام واقع يفرض نفسه على الجميع صحيح اننا مطالبون في ظل هذا الواقع بألا نذوب فيه ولكن ليس أمامنا بديل عن التعامل معه والاجتهاد في تطويعه.(1)
لذلك فان هناك مفهومين للإعلام لاالكتروني وهما :
المفهوم الاول وهو المفهوم الضيق الذي يقصر ظاهرة الإعلام الإلكتروني على المواقع الاليكترونية التي تتحقق فيها عدد من الشروط والضوابط المحددة اهمها ما يلي:
1- معايير مهنية:حيث يطرح في هذا الاطار عدد من المعايير التي تميز الصحيفة الاليكترونية ومنها:
• استعمال قوالب العمل الصحفي مثل الخبر والتحقيق والحوار ولا يعني هذا عدم التعامل مع قوالب مغايرة تفرضها طبيعة الوسيلة الجديدة.
• انتاج موضوعات ميدانية مثل تغطية المؤتمرات والندوات وغيرها.
• الاحتراف:بمعنى ان يكون الصحفيون العاملون في الموقع محترفين لا هواة ومن ابرز محددات الاحتراف:
• التفرغ،الكفاءة المهنية،الخبرةالتراكمية،المؤسسية بمعنىان يكون منتميا إلى مؤسسة صحفية على شبكة الإنترنت.
2- معايير تتعلق بالمؤسسة اوالموقع وتتمثل في:
• معايير فنية وتبرز في وجود نظام بالموقع للارشفة والتكشيف ووجود سيرفر (خادم مستقل للموقع ) ووجود نظام تاميني محدد يمنع عمليات القرصنة والاختراق بصورة مبدئية ونقصد بذلك وجود نظام وخطط وليس ضمان عدم الاختراق.
3- معايير تتعلق بمعدل عدد الزوار:وهو ما يمكن تحديده من خلال مواقع متابعة التصفح العالمية مثل موقع ALEXA ومن خلاله يمكن التعرف على عدد زوار الموقع وعدد الجلسات التي تمت على الموقع ومعدل الزيارت (المرور ) التي تمت للموقع ،والبلدان التي تمت زيارة الموقع ومنها معايير مالية (وجود نظام تمويلي واضح ومحدد للمؤسسة أو الموقع وقابل للمراجعة من قبل الجهات المختصة) معايير قانونية (وتتعلق بالوضع القانوني للمؤسسة بالصورة التي تضمن الوفاء بالحقوق المالية والقانونية للعاملين فيها ويكفي ان تصدر من خلال أي شكل يتيحه القانون ويضمن محاسبة اصحاب المؤسسة ماديا وقانويا عليه.(2)
المفهوم الثاني:وهو المفهوم الواسع الذي يسمح في ضوء صعوبة تحقيق المعايير السابقة على الكثير من المواقع والتي تتحقق فيها بعض المعايير السابقة وحداثة ظاهرة الإعلام الإلكتروني والتي لا زالت قيد التطور سواء من حيث خصائصها الشكلية أو الموضوعية أو اطرها القانونية بادراج بعض المواقع التي يتحقق فيها بعض المعاير السابقة –وليس كل - كالبلوجر مثلا ضمن ظاهرة الإعلام الإلكتروني.وفي ضوء هذا التعريف ربما يكون من الافضل دراسة الإعلام الإلكتروني في ضوء المفهوم الواسع لهذه الظاهرة والمفهوم الواسع لكلمة إعلام بما تعنيه من اي نوع أو محاولة من جانب طرف لإعلام أو توعية طرف اخر بمعلومة أو حدث أو ظاهرة معينة من خلال شبكة الإنترنت دون النظر إلى الإجراءات الروتينية أو التنظيمية المذكورة سلفا في المفهوم الاول (3)
في هذه الورقة سوف يستند الباحث إلى التعريف الثاني للإعلام الإلكتروني باعتباره التعريف الأكثر شمولا ومرونة من التعريف الأول بالإضافة إلى كونه تعريف يعتمد بشكل جوهري على الدور الحقيقي للإعلام بما يعنيه بانه أي نوع أو محاولة من طرف لإعلام وتوعية طرف اخر بمعلومة أو حدث أو ظاهرة معينة الكترونيا دون النظر إلى الاجراءات الروتينية أو التنظيمية المذكورة في التعريف الاول والتي تشكل -حسب اعتقاد الباحث- الداء الأول الذي تعاني منه الصحافة الورقية عموما والإعلام التقليدي خصوصا.وهكذا فانه واستنادا إلى المفهوم الثاني للإعلام الإلكتروني فانه يمكننا الولوج إلى وسائط الإعلام الإلكتروني وتعريف كل من هذه الوسائط.
المبحث الثاني
الإعلام الإليكتروني في العالم العربي
اولا:نشأة الإعلام الإليكتروني العربي
كانت مؤسسة التحرير للطباعة والنشر اول مؤسسة عربية صحفية تنشا موقعا لها على شبكة الإنترنت وذلك في 16 فبراير عام 1997 حيث ضم الموقع نسخا الكترونية من صحف الجمهورية والمساء والجازيت ومصر اليوم تلتها جريدة الشعب حيث صدرت نسختها الاليكترونية منذ اول اكتوبر عام 1997 كما ان موقع جريدة الاهرام يعد من اكثر المواقع الصحفية المصرية الواعدة رغم انها لم تتح من خلال الإنترنت سوى جريدة الاهرام ويكلي الصادرة باللغة الانجليزية وذلك منذ منتصف شهر يونيو عام 1998 ومجلة السياسة الدولية مترجمة إلى اللغة الانجليزية ومؤخرا النسخه الاليكترونية لجريدة الاهرام الصباحية التي بدات في اغسطس عام 1998.أما اول جريدة الكترونية مصرية وعربية يتم اعداد مادتها خصيصا للنشر الإلكتروني فهي المراسل وقد بدات في الصدور اسبوعيا منذ 12 اغسطس عام 1997 ومن الصحف العربية التي حرصت على انشاء مواقع لها على الشبكة جريدة الوطن الكويتية والايام البحرينية والدستور والبيان والراي الاردنية وجريدة الحياة وايضا جريدة الجزيزة في 16 ابريل عام 1997 والقبس السعودية التي بدأت في وضع نسختها الاليكترونية في 12 يوليو 1997 أما جريدة الشرق الأوسط فإنها في بدياتها لم تكن تتيح الاطلاع على نسختها الاليكترونية الا باشتراك وهو الامر الذي تغير الان.(4) الا ان الامر اختلف كثيرا الان مع زيادة عدد مستخدمى شبكة الإنترنت التي بلغت عام 2007 نحو 29 مليون مستخدم،من تعداد نحو 330 مليون نسمة،أي أن نسبة مستخدمي الإنترنت العرب نسبة لعدد السكان تبلغ نحو 8,7% من عدد السكان.
وهي زيادة تبدو هائلة إذا قارناها بما كان عليه الوضع منذ عشر سنوات،حيث لم يكن إجمالي عدد مستخدمي الإنترنت العرب في عام 1997 يتجاوز 600 ألف مستخدم،وهو ما يعني زيادة تبلغ نحو خمسون ضعفا في مدى عشر سنوات.
أي ان الزيادة التي يشهدها انتشار الإنترنت في المنطقة العربية تعد من أعلى النسب في العالم.
وتنبؤ هذه الزيادة الهائلة في عدد المستخدمين للانترنت عما يمكن أن يشهده المستقبل من توسع في هذه الزيادة،استنادا على التطور التكنولوجي الذي بدأ يأخذ اللغة العربية في الاعتبار،وهو ما لم يكن متاحا حتى سنوات قليلة ماضية،اذ لم تكن الكثير من خدمات الإنترنت مهيأة للتعامل مع اللغة العربية،فضلا عن ضعف البنية الأساسية للاتصالات في أغلب البلدان العربية،وارتفاع كلفة الاتصال،والأمية،بالإضافة إلى الحذر والريبة اللتان تشوبا نظرة وتعامل العديد من الحكومات العربية.( 5)
جدول رقم (1) يوضح اجمالي عدد مواقع الإنترنت في كل دولة عربية
الدولة عربي انجليزي اخرى
دولة الأمارات العربية المتحدة 66 30 1
الاردن 50 20 -
البحرين 45 14 -
تونس 17 7 15
الجزائر 19 4 17
السعودية 168 28 1
السودان 48 15 4
سوريا 96 10 4
العراق 207 32 6
عمان 13 10 -
فلسطين 143 32 5
قطر 52 20 2
الكويت 56 9 -
لبنان 73 15 3
ليبيا 40 5 2
مصر 191 42 4
المغرب 36 7 25
اليمن 60 15 -
موريتانيا 12 1 7
مواقع عربية اخرى 205 32 8
الاجمالي 1597 348 104
المصدر:احصائيات تم جمعها من خلال الشركة المتحدة للبرمجيات (وهي شركة معلومات مصرية متخصصة في النشر الإلكتروني )عام 2007
جدول رقم 2 يوضح نسبة مستخدمي الإنترنت في العالم العربي من إجمالي عدد السكان في العالم العربي
الدولة نسبة مستخدمو الإنترنت من السكان2006
الجزائر
5.7
البحرين
20.67
جزر القمر
2.9
جيبوتي
1.1
مصر
6.9
العراق
0.13
الأردن
11.71
الكويت
25.64
لبنان
15.36
ليبيا
3.3
موريتانيا
0.5
المغرب
15.1
عُمان
9.99
فلسطين
7.9
قطر
26.57
السعودية
10.55
الصومال
0.7
السودان
7.8
سوريا
5.64
تونس
9.2
الأمارات
35.09
اليمن
1.03
المصدر: موقع www.internetworldstats.com
وايضا موسوعة ويكبيديا http://ar.wikipedia.org/wiki/إنترنت#.D8.A7.D9.84.D8.A5.D9.86.D8.AA.D8.B1.D9.86.D8.AA_.D9.81.D9.8A_.D8.A7.D9.84.D8.B9.D8.A7.D9.84.D9.85_.D8.A7.D9.84.D8.B9.D8.B1.D8.A8.D9.8A
وفي هذا الصدد يقول تقرير التنمية الانسانية العربية لعام 2002 الصادر عن برنامح الامم المتحدةالانمائي ان المنطقة العربية تاتي في ذيل القائمة العالمية فيما يخص عدد مواقع الإنترنت وعدد مستخدمي الشبكة(انظر جدول رقم 1،2 ) أما نسبةالعرب من مستخدمي الإنترنت فهي تبلغ 5,% من مستخدميها على المستوى الكوني ،علما بان العرب يمثلون اكثر من 5% من سكان العالم،كما ما زال الإعلام الإليكتروني العربي متخلفا عن نظيره العالمي حيث ما زالت قاصرة عن استخدام اساليب ومميزات النشر الإلكتروني ولم يتبلور ادراك كامل لطبيعة الصحيفة الإليكتروني ة كما ان الصحافة العربية ما زالت في مرحلة البداية بالنسبة لوجودها على شبكة الإنترنت ،اذ ما زالت ذهنية النشر الورقي هي السائدة في معظم الصحف وغالبية هذه الصحف لا يتم تحديثها على مدار الساعة بل هي نسخة الكترونية للصحيفة التي صدرت في الصباح مما أدى إلى اهمال الامكانيات التفاعلية للانترنت وما زالت استخدأماته بعض المواقع تنشر مادتها بصيغة الصورة مما افقدها ميزة ارشفة المعلومات وامكانية قص ولصق المادة لمن يريد.الا انه ومع ذلك فان اعداد المستخدمين للانترنت في العالم العربي كما يوضحها جدول رقم 2 تشهد زيادة مضطردة يعود سببها إلى تحسن البنية التحتية للاتصالات في انحاء العالم العربي وإلى انخفاض كلفة الإتصالمع الشبكة وانتشار الحاسوب في المنازل والمدارس وأماكن العمل،هذه الزيادة العددية من شانها ان تخلق سوقا جديدة من المستهلكين ليس فقط للاخبار والمعلومات وانما للبضائع والكتب والإلكتروني ات والاقراص المدمجة وغير ذلك وهنا يجب التفريق بين الإتصالبالإنترنت وهو مثل الدخول بسيارتك إلى طريق سريع مفتوح وبين استخدام الإنترنت أو التوجه بسياريتك إلى جهة بعينها،وتشير دراسات السوق العالمية إلى ان مستخدم الإنترنت العربي يكثر من استخدام البريد الإلكتروني والدرشة واستخدام اجهزة البحث والتسوق وتصميم صفحات خاصة به على الشبكة اضافة إلى زيارة مواقع اخبارية خاصة مثل المواقع الرياضيةوالترفيهية والأخبار ية وباعتبار ان المستخدم العربي صغير السن اصلا حيث تشير دراسات ارابيا اون لاين ( www.arabiaonline.net) إلى ان الاغلبية العظمى من المستخدمين العرب هم من الاعمار من 21 إلى 22 وبالتالي فان اهتمأمات هذه الفئة تنحصر اصلا في استخدام البريد الإلكتروني والدرشةوالاستماع إلى الاغاني العربية والاجنبية ومتابعة الأخبار الرياضية على الشبكة.(6)
ثانيا معوقات انتشار الإعلام الإلكتروني في العالم العربي
1. البنى التحتية: توصلت دراسة أجريت في مصر إلى أنّ تكلفة تطوير البنية التحتية لتناسب تلك المفترضة تصل إلى 15 مليار دولار أميركيّ. ويؤثر هذا العامل بشكل كبير جدّا، نظرا لاحتكار بعض الحكومات أو الشركات للإنترنت ورفع الأسعار بشكل كبير جدّا. وكمثال على ذلك فإنّ متوسط الدخل في ليبيا هو حوالي 200 دينار، بينما تبلغ تكلفة ساعة الإتصال بالإنترنت لمقدمي الخدمات حوالي دينار ونصف الدينار، من دون حساب تكلفة أجرة المكالمة الهاتفية. (20)ويعتبر هذا الاسلوب نابع من التجربة العربية مع وسائل الإعلام التقليدية والتي رسخت قاعدة سيطرة المعلومات على منافذ التعبير في المجتمع.(7
• نوعيّة المحتوى: يمكن ملاحظة هذه المشكلة بتصفح الكثير من المواقع العربية للمعلومات والأخبار،حيث تقوم معظمها بنشر المعلومات نفسها، نظرا لأنّ أغلبها يقوم بترجمة المعلومات من مصادر عالمية، أو نقلها عن هيئات الأنباء العربية. كما أنّ الكثير من محتوى الجرائد والمجلات الاليكترونية يماثل المحتوى الموجود في النسخ الورقية، ولا يتمّ إضافة عناصر التفاعل مع المستخدمين أو إضافة أيّ صور أو عروض فيديو إلى المواقع. (22) بالاضافة إلى ذلك فانه وحتى سنوات قليلة مضت. وركزت هذه المواقع على التعريف بالإسلام والدعوة والفتوى،و انطلق معظمها من منطقة الخليج العربية، ربما بسبب الإمكانات الاقتصادية بالمنطقة والتي أتاحت لها فرص التوظيف المبكر لشبكة الإنترنت وتأسيس المواقع الإليكتروني ة، ثم اتسع نطاقها ليشمل باقي الدول العربية والإسلامية بالإضافة إلى الجاليات الإسلامية في أوروبا وأمريكا الشمالية. ووفق بعض التقديرات وصلت نسبة المواقع الدينية الإسلامية 65% (وإن كانت تتسم بقدر من المبالغة) من إجمالي المواقع العربية على شبكة الإنترنت.وعلى الرغم من تراجع نسبة تلك المواقع مع تزايد عدد المواقع العربية غير الدينية (الاقتصادية، التجارية، التسويقية، الأكاديمية والتعليمية، الثقافية، السياسية، الترفيهية..الخ) إلا أنها تظل تشغل مساحة مهمة من المواقع العربية على الشبكة(8)كما تزال الكثير من البلدان العربيّة تتحكم بالمحتوى الذي يمكن نشره من الناحية الأمنية، الأمر الذي يؤثر على محتوى الصفحات العربية ودور النشر والطباعة، حسب كلّ بلد.وفي هذا المضمار تقوم الكثير من الدول العربية بفرض آليّات لتنظيم ومراقبة محتوى الإنترنت للحدّ من نوع المحتوى الذي يمكن الوصول إليه. وتتنوّع طرق وأساليب الرقابة، ويختلف نوع المحتوى الممنوع من معلومات سياسيّة ودينيّة واجتماعيّة وجنسيّة. وتقوم أجهزة الترشيح (الفلترة) بمقارنة العناوين المطلوبة بمجموعة من العناوين الممنوعة، وحجبها عن المستخدم إن كانت ممنوعة. وبعض أنظمة الفلترة هذه تقوم بمسح محتوى الصفحة المطلوبة، حتى وإن لم تكن من ضمن قائمة الصفحات الممنوعة، والبحث عن كلمات محدّدة، وحجبها إن تمّ العثور عليها.وتحتوي بعض أنظمة الفلترة المتقدمة على برامج تقوم بفحص الصور وتحليلها ومعرفة دلالاتها قدر المستطاع، وحجبها إن كانت ممنوعة. وتقوم بعض الأنظمة بعرض صفحة خاصّة لإخبار المستخدم أنّ الصفحة المطلوبة محجوبة، وتقدم طريقة للتواصل وطلب حجب أو عدم حجب صفحة محدّدة، مع ذكر السبب، ولكنّ لا يتمّ تنفيذ ذلك إلا بعد أيّام أو أسابيع من تقديم الطلب.(9). وفي ضوء ذلك يمكن القول ان الصحافة الإليكتروني ة على خلاف الوسائل التقليدية تتعرض لكل القيود التي تعرض لها وسائل الإعلام التقليدية للحد من حريتها بالاضافة إلى وسائل جديدة تتمثل في الرقابة التكنولوجية التي لم تكن معروفة على نطاق واسع في مسيرة وسائل الإعلام التقليدية(10) ومع تنوع وسائل الاعاقة فان تعدد وسائل التغلب على هذه الاعاقات يشكل تحديا كبيرا لبعض الحكومات العربية.
• حداثة شبكة الإنترنت في المنطقة العربية: إذ لا يتجاوز عمر شبكة الإنترنت في الدول العربية حوالي سبعة عشر عأما بدءا من ارتباط تونس بالشبكة في عام 1991، بينما يعود بدء إتاحة الخدمة للمواطنين إلى منتصف التسعينيات في تونس وعدد من الدول العربية الأخرى باستثناء المملكة العربية السعودية التي تأخر تقديم الخدمة فيها إلى عام 1999 والعراق التي لم تتح فيها الخدمة للمواطنين إلا في عام 2000. وبالتالي فانه ما زال عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربى ضعيفاً وهو الامر الذي يؤثر سلبياً على انتشار الصحف الاليكترونية بين القارئ العربي داخل الدول العربية حتى لو كان عدد قراء الصحيفة يصل لمليون، لأنه لو زادت أرقام المستخدمين للإنترنت يمكن أن نسمع يوماً أن صحيفة إلكترونية يقرأها 10 ملايين قارئ يومياً مثلاً، وهو شئ ليس بعيد المنال ويمكن تحقيقه فى المستقبل القريب.
• صعوبة التسويق وجلب الإعلانات: وهي سلبية ما زالت موجودة في العالم العربي فقط، ولكن هذه السلبية تؤثر بشكل قوي على عدم وجود تمويل لهذه الصحف، مما يجعل التركيز على المتطوعين أكثر وأكبر، ولكن بدون شك احتياج الصحف الاليكترونية إلى الصحفي المحترف ضرورة لا غنى عنها والذي لا يقبل أن يعمل ويكتب دون أن يأخذ مقابلاً مادياً.
• عدم تميز بعض الصحف الاليكترونية عن قرينتها المطبوعةخاصة التي تعتمد على الصحفيين المتطوعين، فهي تنشر ما يأتي لها، دون وجود دليل أو التأكد من مصداقيته أو حقيقته، وهو ما يفتح المجال لنشر الإشاعات وترويجها. (11)
المبحث الثالث
هل يشكل الإعلام الإلكتروني تهديدا للصحافة الورقية
قد يصير من التبسيط المخل الادعاء بان ثورةالإعلام الإليكتروني لم تؤثر على الصحافة المطبوعة في العالم العربي فقد اثرت هذه الثورة الإعلاميةعلى كل انوع الإعلام سواء كان مطبوعا أو مرئيا أو حتى مسموعا لا على مستوى العالم العربي بل على مستوى العالم. الا ان ذلك لا يكون مدخلا للحديث عن نهاية عصر الصحيفة المطبوعة. بل على العكس من ذلك فإن دراسات السوق في اميركا اثبتت ان كثيرا من المواقع الاليكترونية الخدمية والتجارية منها، اتجهت إلى الصحف والمجلات للاعلان عن نفسها والوصول إلى مستخدمين جدد. وبمعنى آخر فإن هذه المطبوعات سواء العامة منها أو المتخصصة استفادت اعلانيا من انتشار المواقع الاليكترونية المختلفة على شبكة الإنترنت.الا انه ومع ذلك فان ارتفاع نسبة عدد مستخدمي الإنترنت كوسيلة اعلامية قد راتفعت في الفترة الاخيرة حيث تشير دراسة نشرتها مجلة كولومبيا للصحافة إلى ان نسبة مستخدمي الإنترنت الاميركيين ممن يستقون الأخبار اليومية من الإنترنت قفزت من 6% عام 1998 إلى 20% في اوائل عام 2000. أما من حيث الاعلان فقد قفز حجم الانفاق الاعلاني على الإنترنت من 1.9 مليار دولار عام 1998 إلى 4.6 مليار دولار في نهاية عام 1999 أما المواقع الأخبار ية فقد نمت حصتها من هذا الانفاق من 152 مليون دولار عام 1998 إلى 358 مليون دولار في نهاية عام.1999.(12)و أثبتت دراسة اخرى بعنوان »حالة وسائل الإعلام الأخبار ية سنة 2004« أجراها »مشروع التفوق الصحفي« بالاشتراك مع كلية الصحافة في كولومبيا، تفوق الإعلام الإليكتروني وتاثيره السلبي على وسائل الإعلام الاخرى وهو ما اثار مخاوف العاملين في مجال الصحافة اليومية وشبكات التلفزيون والإذاعات خلال السنوات الأخيرة ادت إلى تراجع الثقة بها لدى الرأي العام وانحسار جمهورها، وهو ما دفع الأمريكيين على سبيل المثال إلى اللجوء إلى الإنترنت لاستقاء الأخبار،رغم أن معظم هذه المواقع تابعه للصحف، ومعظم القراء (72٪) ما زال يعطي الوقت نفسه لقراءة الصحف. وقد أوضحت الإثباتات أن الإنترنت هي وسيلة الإعلام الوحيدة باستثناء الصحافة اللاتينية والبديلة، التي يشهد جمهورها اتساعا متزايدا ولاسيما بين الشبان. وتبدو هذه الظاهرة ملفتة، خصوصا إذا ما قوبلت بتراجع مبيعات الصحف الأمريكية الصادرة بالإنكليزية بمعدل 11٪ على مدى العقد الأخير(1995 :2005) ليصل مجموع النسخ الموزعة يوميا إلى 55 مليون نسخة. وتراجع خلال الفترة ذاتها جمهور النشرات الأخبار ية المسائية على المحطات التلفزيونية المحلية المرتبطة بالشبكات الكبرى بمعدل 34٪.كما أن الأمريكيين لم يعودوا يشاهدون الأخبار على الشبكات التلفزيونية الكبرى على الرغم من الأحداث المهمة التي استقطبت انتباه الرأي العام مثل اعتداءات 11 سبتمبر 2001 والحرب على العراق. وتشير الدراسة إلى تراجع الثقة بمصداقية الصحف الأمريكية من 80٪ عام 1985 إلى 59٪.وفي المقابل، سجل الإقبال على 26 موقعا على الإنترنت صنفت على أنها الأكثر شعبية، تزايدا بمعدل 70٪ ما بين مايو 2002 وأكتوبر 2003.
ولوحظ في الدراسة أن الأمريكيين كانوا يشاهدون بصورة خاصة خلال الحرب على العراق مواقع الشبكات الأخبار ية، ومن ثم مواقع الصحف، وبعدها مواقع الحكومة الأمريكية وأخيرا المواقع الأخبار ية الأجنبية. وباتت المجموعات الصحفية الكبرى تزيد استثماراتها على الإنترنت،وقد أدركت أبعاد هذا التحول. وتنتمي حوالي 69٪ من المواقع الأخبار ية العشرين، التي تلقى اكبر قدر من الإقبال، إلى المجموعات الإعلاميةالعشرين الأولى. كما تزداد المواقع الصغرى والمستقلة إلى حد باتت تشكل «حركة قوية» أشبه بمجموعة كبيرة من صحف الرأي الصغيرة المحدودة الانتشار. (13)ولا يقتصر هذا الأمر على الولايات المتحدة بل يتعداه إلى أوروبا، فقد ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن 60% من الجمهور الأوروبي يتلقى الأخبار عبر المواقع الاليكترونية على شبكة الإنترنت،وقامت صحف أوروبية عديدة بتطوير مواقعها عبر الإنترنت لتصبح مواقع تفاعلية وآنية التحديث لتستطيع الوصول إلى القارئ الذي لم يعد مهتما أبدا بشراء النسخة الورقية من الصحيفة، خصوصا مع توفر البدائل بل كثرتها في توفير المادة الإعلاميةالتي تهمه على الشبكة العنكبوتية.(14)وبالتالي فانه من الممكن الخروج بعدد من الملاحظات عن علاقة الإعلام الإلكتروني بالصحافة المطبوعة في العالم من الممكن اجمالها في الاتي:
1- ان غالبية الصحف اليومية في الغرب وفي العالم العربي تدير مواقع الكترونية خاصة بها وتصدر طبعات الكترونية حيث تشير احصائيات مؤسسة نيوزلينك الاميركية في نهاية عام 1998 إلى ان عدد الصحف التي تدير مواقع على الشبكة في العالم قد وصل إلى 4900 جريدة منها حوالي 2000 جريدة اميركية بينما لم يتجاوز عدد الصحف الاليكترونية على الشبكة الثمانين صحيفة في نهاية عام 1994 وهذه الارقام تشمل الصحف اليومية والاسبوعيات والدوريات والمجلات وغيرها من المطبوعات. وبينما تتبوأ المطبوعات الاميركية مركز الصدارة من حيث عدد المواقع الاليكترونية فإن المطبوعات غير الاميركية تشكل نسبة 43% من اجمالي هذه المواقع. وفي العالم العربي ما لا يقل عن الف موقع الكتروني لصحف ومواقع عربية يومية واسبوعية وهذا الرقم في ازدياد مستمر(انظر الجدول رقم 1 ).
2- ان عددا لا بأس به من كبريات الصحف في اميركا واوروبا واليابان قد فصل ما بين الجريدة المطبوعة والنسخة الاليكترونية من حيث الادارة والتحرير وطبيعة المحتوى ومصادر الدخل والانفاق لكل منهما، مثال على ذلك صحف «الواشنطن بوست» و«النيويورك تايمز» و«الشيكاغو تربيون» الاميركية و«الفايننشال تايمز» اللندنية. واصبحت النسخ الاليكترونية بوابات اعلامية شاملة تجدد محتواها على مدار الساعة طيلة ايام الاسبوع وتسبق في كثير من الأحيان النسخ المطبوعة في نشر الأخبار.
3- ان عددا من هذه المواقع الاليكترونية المملوكة من دور النشر الصحافية يعد اليوم من انجح البوابات الاليكترونية على الشبكة من حيث عدد الزوار أو المشتركين وحجم الدخل الاعلاني بحيث اصبحت هذه البوابات مستقلة تمأما عن النسخة المطبوعة وتقدم خدماتها على مدار الساعة الا انه يجدر القول واستنادا إلى تقرير مؤسسة نيوز لنك فإن اقل من ثلث الصحف الاليكترونية على الشبكة حاليا يجني ارباحا بل ان عددا لا بأس به من الصحف اغلق مواقعه الاليكترونية بسبب الخسائر.
4- ان هناك مواقع اخبارية الكترونية نشأت في بيئة الإنترنت وحققت نجاحا باهرا إلى حد دفعها للخوض في عالم النشر التقليدي ايضا اي ما يسمى (بالهجرة المعاكسة) مثال على ذلك مجلة ( دبليو اي ار ايه دي).
5- ان العامل المشترك الرئيسي بين صناعتي النشر التقليدي والإلكتروني هو المحتوى المتميز فبدونه لا تنجح مطبوعة ولا ينتشر تلفاز ولا يستمر موقع على الإنترنت ولهذا فإن شركات الإتصال(ميديا) الكبرى في الغرب تزاوج بين ما تنتجه وسائل اتصالها بأنواعها التقليدية وغير التقليدية لتقوم بأمثل استخدام لذلك المحتوى عن طريق المواءمة واعادة الاستخدام،مما دفع شركة (اميركا أون لاين) التي تدير انجح بوابة الكترونية في اميركا إلى الاندماج مع شركة (تايم وورنر) وهي واحدة من اكبر شركات النشر والإتصالوالترفيه في العالم من خلال صفقة قدرت بمائة وعشرين مليار دولار.اضافة إلى المحتوى فإن دخول شركات النشر التقليدية عالم النشر الإلكتروني يعتمد ايضا. مثال على نجاح هذا الاسلوب مواقع قنوات الجزيزة والعربية والعالم والنيل للاخبار
6- ان تغيرا مهما حصل في مفهوم الصحيفة الاليكترونية حيث تطورت هذه الصحف من كونها نسخا كربونية من الصحف المطبوعة إلى ظهورها كبوابات اخبارية واعلامية وترفيهية ذات شخصية مستقلة فمثلا موقع صحيفة «النيويورك تايمز» على الشبكة يقدم خدمات لا توفرها وقد لا تستطيع ان توفرها النسخة الورقية من الصحيفة مثل حالة الطقس واسعار العملات والاسهم وحجوزات الفنادق والطيران والسوق الإلكتروني للتبضع والشراء ومقارنة اسعار الحاجيات فقد أدى نجاح تجربة «النيويورك تايمز» على الشبكة إلى اطلاقها لموقع شقيق اسمته (نيويورك توداي) وهو اشبه بدليل لعالم مدينة نيويورك يقدم كل ما يحتاجه الزائر أو المقيم في المدينة من معلومات بدءا من دليل الهاتف وعناوين المطاعم وبرامج التلفزيون وحالة الطرق وخرائط للاحياء والشوارع وانتهاء بما يحدث في المدينة من نشاطات ثقافية وترفيهية مختلفة. وكذلك فعلت «الواشنطن بوست» وغيرها من كبريات الصحف في اميركا وبريطانيا وغيرها من الصحف في الغرب. هذه المواقع اصبحت شركات شقيقة تدار من قبل طواقم متخصصة لها اداراتها المستقلة من التحرير والاعلان والتسويق وكما ذكرت فإن عددا من هذه المواقع اصبح تدر ارباحا على مالكيها لا تقل اهمية في بعض الأحيان عن ارباح نشاطات النشر التقليدي.(15)
وهكذا فانه لا شك ان الإنترنت وهي اليوم في قلب ثورة المعلومات قد اصبحت سمة مميزة لواقع العولمة الذي نعيشه، فنسمع اليوم عن الحكومة الاليكترونية (دبي، قطر والاردن ،مصر) وعن التجارة الاليكترونية ومدن الإنترنت وجامعات الإنترنت وغير ذلك. وبافتراض ان سنوات وقد تكون عقود تفصلنا عن تحقيق هذه الثورة المعلوأماتية ناهيك عن تحديات البطالة والفقر والتخلف والمرض والجفاف والجفاء السياسي بين بعض الدول العربية، فإن استشراف المستقبل يؤكد اننا سنكون يوما جزءا من هذا التحول المعلوماتي ضمن اطار القرية العالمية شئنا ام ابينا هذا التغيير والذي سيشمل كافة مناحي الحياة والصحافة المطبوعة بشكلها وواقعها الحالي والتي لن تكون مستثناة بطبيعة الحال. أما بالنسبة للعالم العربي فتشير آخر الارقام المستقاة من تقرير لمؤسسة بارك التي تنشر دراسات حول الاعلان في العالم العربي، إلى ان حجم الانفاق الاعلاني الكلي خلال عام 1999 بلغ عام 1964 مليون دولار كانت حصة الصحف منه 42% والتلفزيون 38% والمجلات 15% والراديو 2% واللوحات 3%. أما الإنترنت فإن ما ينفق عليها من الاعلان في العالم العربي حتى اليوم لا يزيد في احسن الاحوال عن اكثر من نصف بالمائة من اجمالي الانفاق الاعلاني السنوي..( 16) ومع ذلك فان احد لا يستطيع ان يجادل في ان ظهور اي وسيلة اتصال جماهيري جديدة يؤثر اول ما يؤثر على الصحافة المطبوعة كونها ام وسائل الإتصالالشعبية كلها، فالصحيفة التي جلست على عرشها لعدة قرون منذ اخترع جوتنبرج المطبعة الاولى في منتصف القرن الخامس عشر مطلقا بذلك ثورة المعلومات الاولى، لم تتعرض لاي تحديات تذكر الا في بدايات القرن الماضي مع اختراع التلغراف والهاتف والراديو، ومن بعد ذلك في منتصف القرن العشرين عندما بدأ التلفزيون بث برامجه بشكل تجاري وإذا كنا في العالم العربي وما زلنا في حقبة دخول المطبوعات إلى الشبكة الاليكترونية وظهور البوابات والمواقع الأخبار ية المستقلة عن هذه المطبوعات فان المستقبل قد يحمل الاتي بالنسبة للعالم العربي
• ان دور النشر الصحافي في العالم بأسره تتجه إلى تنويع نشاطاتها الإعلاميةوذلك بدخول مجالات الراديو والتلفاز والمطبوعات المتخصصة واعداد المؤتمرات والإنترنت مثال على ذلك شركة تربيون التي تصدر صحيفة «شيكاغو تربيون» وتملك ايضا محطات تلفزيون واذاعات ومجلات ومواقع الكترونية وحصصا في شركات ترفيه واتصال بالشبكة الاليكترونية.وهذه وان كانت ظاهرة جديدة لم تتبلور بعد في عالمنا العربي نظرا للقيود الحكومية على امتلاك وسائل الإتصالالا انها جزء راسخ من واقع صناعة الإتصالوثورة المعلومات في المجتمعات الليبرالية التي اعتمدت مبادئ اقتصاد السوق والديمقراطية الغربية.
• ما زالت اعداد العرب المتصلين بالشبكة متواضعة مقارنة بالوسائل الاخرى(انظر الجدول رقم1، 2 ) اضافة إلى ارتفاع كلفة الإتصال وبطء الخدمة من حيث سرعة التحميل ووجود عقبات سياسية واجتماعية، وقلة عدد المواقع العربية الناجحة على الشبكة (17
• محدودية الخدمات الارشيفية:ونعني بالخدمة الارشيفية الاعداد السابقة من الصحيفة التي يوفرها موقع الصحيفة على الإنترنت ويكون في مقدور القارئ الرجوع اليها وتصفحها عبر الشاشه شانها في ذلك شان العدد الاخير من الصحيفة.
• عدم استغلال تقنية النص الفائق:ويتمثل في عدم ربط معظم الصحف الاليكترونية المصرية بمواقع معلوماتية فرعية اخرى رغم امكانية اقامة وصلات Links طبقا لتقنية النص الفائق من خلالها يمكن للقارئ الدخول والتجول داخل مواقع اخرى حيث تكتفي غالبية الصحف المصرية باقامة وصلات بين الايقونات التي تمثل الفهرس على صفحة الاستقبال والموضوعات المرتبطه بها والمنشورة على الصحيفة الاليكترونية.وان كانت هناك بعض الصحف تستغل هذه التقنية إلى حد ما مثال ذلك صحيفتا الاهرام والجمهورية فمن خلال موقعيهما يمكن الدخول على بعض المواقع الفرعية.ويلاحظ ان هذه المواقع الفرعية مواقع ثابته ولا يعني ذلك مطلقا استغلالا لتقنية النص الفائق –سابقة الذكر- التي تعني في الاساس وجود عناصر نشطة داخل النصوص الاصلية للموضوعات ذاتها المنشورة على صفحات الصحيفة الاليكترونية تمد القارئ بمعلومات اضافية عن تفاصيل الموضوع الذي يتصفحه بصحيفته الاليكترونية.
• عدم استغلال تقنية الوسائط الفائقة:حيث لم تحاول معظم الصحف الاليكترونية المصرية تحقيق الاستفادة من تقنية الوسائط الفائقة اذ تقتصر هذه الصحف على استخدام النصوص المكتوبة والصور الفوتوغرافية والرسوم الثابته بينما لم تحاول استخدام بقية وسائط التعبير التي تتيحها تقنية الوسائط الفائقة مثل الصور المتحركة وافلام الفيديو والصوت والموسيقى وغيرها الامر الذي يفقد هذه الصحف المزايا العديدة التي تتيحها تقنية الوسائط الفائقة بما يسمح لها بالتعبير عما تريد بالصوت والصور المتحركة الي جانب النصوص والصور الثابتة.
• محدودية استخدام الألوان:حيث يقتصر استخدامها على تلوين بعض العناوين والخلفيات بلون واحد وبعض الصور الفوتوغرافية.
• تأخر صدور النسخة الاليكترونية :فمقارنة توقيت صدور النسخة الاليكترونية بالنسخة المطبوعة نجد أن الصحف الاليكترونية المصرية تصدر مساء اليوم السابق لصدور النسخة المطبوعة،والبعض الأخر يصدر في نفس توقيت صدور النسخة المطبوعة.وعادة ما يعود السبب في ذلك من بين أسباب أخرى إلى حرص الصحيفة على التوزيع الخارجي للنسخة الورقية من الصحيفة الأمر الذي يفقد الصحيفة الاستفادة من إمكانية النشر السريع للأخبار عبر الإنترنت.
• غياب عنصر الحالية:حيث تعد الصحف الاليكترونية المصرية مجرد نسخ ملخصة لما نشر بالنسخ الورقية وتصدر في نفس توقيت صدور النسخ الورقية لها تقريبا،هذا فضلا عن ان غالبية هذه الصحف تكتفي بتحديث نسختها الاليكترونية بعد 12 ساعة من صدور النسخة المطبوعة الامر الذي يجعلها تفقد أهم ما يميز الخدمة الصحفية عبر الإنترنت وهو لحالية أو الانية في التغطية الأخبار ية بحيث تقدم الاحداث فور وقوعها مما يجعل القارئ العربي يتجه إلى المواقع العالمية التي تقوم بتحديثها التحريرية كل عشر دقائق بحثا عن تفاصيل الاحداث التي يدركونها من خلال الردايو والتليفزيون.
• ضعف العائد الاعلاني:فرغم اهمية الاعلانات كعامل جذب للقراء والاموال في الصحف الاليكترونية الا ان الصحف الاليكترونية المصرية خصوصا والعربية عموما في معظمها تخلو من الاعلانات.ويلاحظ بصفة عامة تضاؤل عائد الاعلانات على مستوى العالم بالنسبة للصحف الاليكترونية مقارنة بالتليفزيون مثلا بالرغم من ان هذه الصحف قد سبقت التليفزيون إلى الإنترنت حيث يوزع التليفزيون مشاهد أو لقطات فيديوية لمدة ثوان معدوة بما يدر عليه عوائد ضخمة لا تجد سبيلها إلى الصحف الاليكترونية.(18)
ان منحنى تعلم وسائل الإعلام الجديدة ومنها الصحف الاليكترونية في تقدم بدرجة اكبر مما توقعنا وان ثمة تغييرا سوف يحدث في الواقع الصحفي التقليدي الحالي ولكن المشكلة تتمثل في ان لا احد يعرف كيف سيحدث ومتى سيأتي التغيير.إذا ان معظم تجارب السوق حتى الان لم تقدم اشارة أو دليل حقيقي حول هيئة أو صيغة أو شكل هذا التغيير الذي سيطرا على الواقع الصحفي الراهن حتى يمكن الحكم في هذه الآونة على مستقبل الصحيفة الورقية أو حتى الاليكترونية ولكن ما يمكن التحدث بشانه في هذه الاونة هو ان الصحف الورقية المطبوعة سوف تتعرض لعدة تأثيرات مؤكدة الحدوث من جراء اذدهار ونمو الصحافة الاليكترونية وغيرها من وسائل الإعلام الجديدة ولعل أهم هذه التاثيرات ما يلي :
• الاتجاه إلى المحلية:فالكثير من الصحف الورقية المطبوعة لا تستطيع الاتجاه إلى العالمية من خلال النشر الإلكتروني عبر الإنترنت بحيث تحقق النمو والتطور وقدر من الاستثمار في وسائل الإعلام الجديدة وبخاصة مع الضعف الشديد في عائد الاعلانات الفورية الاليكترونية التي تعانية حتى كبريات الصحف العالمية الاليكترونية عبر الإنترنت اذ ان عائدات الاعلانات وتوزيع الصحف الاليكترونية لا تزال بعيدة كل البعد عن الكلفة الباهظة لانتاج النسخ الاليكترونية التي تلتهم ميزانية كبريات الصحف في العالم وعليه ستظل عائدات الإعلانات أساسية وحيوية في سبيل نجاح الخدمات الاليكترونية الفورية للصحف ولذا فان العديد من الصحف الورقية لن تجد أمامها سوى التركيز على كسب المكانة المرموقة محليا على اساس ان هذا السبيل هو الاستراتيجية الافضل الذي يجب ان تنتهجها وتعمل لها في المستقبل لمواجهة عالمية وسائل الإعلام الجديدة.
• الاتجاه إلى التخصيصية:فعلى الارجح اننا سوف نشهد في المستقبل مزيدا من تنوع المطبوعات الورقية بحيث تلبي الاحتياجات الخاصة لكافة نوعيات القراء على مختلف ميولهم وازواقهم واتجاهاتهم بما يعني ان الصحف والدوريات الورقية المطبوعة سوف تتزايد في العدد نتيجة للاتجاه لمزيد من التخصيصية.والدليل على ذلك ان ظهور التليفزيون كمصدر جماهيري للاخبار والترفيه قد أدى إلى اختفاء العديد من المجلات ذات الاهتمام الواسع والعام والضخم وفي ذات الوقت مهد الطريق أمام عدد اكبر من المطبوعات المتخصصة في الظهور.والتاثير ذاته حدث بالنسبة للراديو فقد تاثر هو الاخر بظهور التليفزيون والنتيجة تمثلت في ظهور أو انشاء مزيد من محطات الراديو المتخصصة وبالنسبة للتليفزيون ذاته فقد أدى ظهور خدمات الكابل التليفزيونية الكبرى كما أدى إلى بداية ظهور عديد من الشبكات التلفيزيونية المتخصصة.وكما هو الحال ايضا في النشر الإلكتروني فهو لم يؤد فقط إلى الحصول على مستويات اعلي من الجودة في المطبوعات بل ادي ايضا إلى حدوث انفجار في عدد النشرات الأخبار ية والمجلات في كل انحاء العالم وعليه فان ادوات النشر الإلكتروني عبر الإنترنت سوف تسمح لعدد هائل من الناس ببدء النشر الإلكتروني للمعلومات.والنتيجة النهائية هي مزيد من المعلومات لمزيد من الناس والكثير من هذه المعلومات يعد نافعا للناس والكثير منها ايضا ليس كذلك وإذا ما تم استخدام ادوات وسائل الإعلام الجديدة الاليكترونية فانها سوف تجعلنا نعيد التفكير في الطريقة التي نحصل بها ونعطي المعلومات في المستقبل وايضا سوف نكون قادرين على توسيع خبراتنا بمظهر مجلاتنا وصحفنا والعروض التليفزيونية وغيرها عن طرق استخدام وسائل إعلام تفاعلية.(19)
الهوامش
(1)اسلام اون لاين – ثقافة وفن – الصحافة الاليكترونية المعايير والضوابط
(2)اسلام اون لاين م س ذ
(3)راجع محتويات موقع الاتحاد الدولي للصحافة الاليكترونية ( www.iuej.org (وايضا (راجع جمعية مراسلون بلا حدود أو نقلا عن د. احمد محمد صالح "هل تجلب الإنترنت الحرية ؟ موقع ايلاف)
(4)نجوى عبد السلام فهمي :تجربة الصحافة الإليكتروني ة المصرية والعربية ،الواقع وافاق المستقبل المجلة المصرية لبحوث الإعلام العدد رقم4 بتاريخ ديسمبر 1998
(5)الإنترنت وحقوق الانسان http://www.openarab.net/ar/node/121)
(6)خلدون طبازة ،اسامه الشريف: العالم العربي والوسط الرقمي.. تحديات الإعلام الإلكتروني – مجلة العربي بتاريخ مايو 2007
(7) المجلة المصرية لبحوث الاعلام:العدد الخامس والعشرون يوليو ديسمبر 2005 ) ص:ص 309: 345)
(8) خلدون غسّان سعيد تطور الإنترنت في العالم العربي
البلدان العربية تجاهد لردم الهوة الرقمية مع الدول المتقدمة http://baghdadee.ipbhost.com/index.php?s=53b3c129392a0be56b3f635b746f5a1a&)
(9) الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، "الإنترنت في العالم العربي: مساحة جديدة من القمع؟"http://www.hrinfo.org (oct. 1, 2005
(10)خلدون غسّان سعيد تطور الإنترنت في العالم العربي(م س ذ )
(11)المجلة المصرية لبحوث الاعلام:العدد الخامس والعشرون يوليو ديسمبر 2005 ) ص:ص 309: 345
(12)اتحاد كتاب الإنترنت العرب حسام عبد القادر http://www.arab-ewriters.com/?action=ShowWriter&&id=5
(27)ثورة الإنترنت ومستقبل الصحف المطبوعة الاليكترونية في العالم العربي جريدة الشرق الاوسط عدد 2 يناير 2001
(13)https://www.sharjah.ac.ae/oldsite/bbmaterials/0800302_1_51_52/uploads/_46740_1/!d8afd8b1d8a7d8b3d8a7d8aa20d8b3d8a7d8a8d982d8a9.doc)
(14)محمد سناجلة،الصحافة الورقية في ظل الثورة الرقمية اتحاد كتاب الإنترنت العرب http://www.arab-ewriters.com/?action=showitem&&id=5279).
(15)ثورة الإنترنت ومستقبل الصحف المطبوعة الاليكترونية في العالم العربي جريدة الشرق الاوسط عدد 2 يناير 2001
(16)ثورة الإنترنت ومستقبل الصحف المطبوعة الاليكترونية في العالم العربي جريدة الشرق الاوسط )م س ذ )
(17)ثورة الإنترنت ومستقبل الصحف المطبوعة الاليكترونية في العالم العربي جريدة الشرق الاوسط (م س ذ )
(18)د. سعيد غريب:الصحيفة الاليكترونية والورقية ،دراسة مقارنة في المفهوم والسمات الاساسية بالتطبيق على الصحف الاليكترونية المصرية (م س ذ )
(19)د. سعيد غريب:الصحيفة الاليكترونية والورقية ،دراسة مقارنة في المفهوم والسمات الاساسية بالتطبيق على الصحف الاليكترونية المصرية (م س ذ )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بتعليقاتكم لخدمة هدفنا الاسمى في الاصلاح المنشود